القيم الاجتماعية ودورها في الوقاية من الجريمة
محتوى المقالة الرئيسي
الملخص
شهدت السنوات الأخيرة أحداثاً متلاحقة وتطورات سريعة ، جعلت عملية التغيير أمراً حتمياً في معظم دول العالم ، وقد انتاب القلق بعض المجتمعات العربية من هذا التغيير السريع ، ويعتبر المجتمع الليبي ضمن هذه المجتمعات ، التي حدثت فيها التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتسارعة (*) ، مما أثر على تمـاسكـه وأمنه واستقراره ، وظهور اتجاهات وقيم ، وأنماط تفكير انحرافيه لا تتفق مع مبادئه وقيمـه الاجتماعية ... مما دفـع بعض أبناء المجتمع إلى القيام بسـلوكيات إجرامية أثرت تأثيرا سلبياً على أمنه واستقراره ، لأن الدخول في عالم الجريمة يحطم إرادة الفرد ، ويجعله يفقد كل القيم الدينية والأخلاقية ، ويتعطل عن عمله الوظيفي والتعليمي مما يقلـل إنتـاجيتـه ، ونشـاطـه اجتمـاعيا واقتـصاديا فالجريمة مهما كان نوعها تؤثر سلباً على المجتمع ، وتؤدي إلى تصدع النسيج الاجتماعي وتفكك الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع الواحد ، مما يهيئ لاندثار الثوابت التي تقوم عليها المجتمعات المنظمة المتحضرة كالتضامن والتكافل الاجتماعي والمساواة والعدالة واحترام الحقوق والحريات ، واحترام القانون والقيم ، نهيك عن تكاليفها الاقتصادية الباهظة، حيث ترصد الأموال الطائلة والإمكانيات الضخمة لمكافحتها... ؛ لذلك تسعى كافة المجتمعات الإنسانية إلى غرس القيم الاجتماعية في نفوس أبنائها ، وذلك نظراً لما تشكله هذه القيم من أهمية خاصة في دفع عملية التقدم الحضاري ، وتسهم في أمن واستقرار المجتمع وتماسك النسيج الاجتماعي فيه ، من خلال إسهامها في صيانة الناشئة من الوقوع في براثن الجريمة والوقاية من الانحراف ، وقد أكددت العديد من الدراسات حول أهمية القيم الاجتماعية كمقوم أساسي يعمل على ترابط المجتمعات واستقرارها فالقيم بصفة عامة تعمل على أثراء الفرد وتكيفه مع مجتمعه ، ووقايته من الوقوع في الجريمة والانحراف ، كما أنها تشكل في كل مجتمع مجموعة من الأنظمة الاجتماعية التـي تنظـم سيـر الفعـل الاجتماعـي للأفـراد والعلاقـات الاجتماعية بينهم ، وغالباً ما يحدد البناء الاجتماعي والثقافي للمجتمع نمط هذه الأنظمة القيمية ، ويمد الأفراد بأسباب تمسكهم وخضوعهم لها ، وكذلك يحدد درجات الالتزام بهذه القيم التي تتدرج من قيم أمره يعاقب مخالفوها ، إلى قيم تفضيلية يُحث على إتباعها، وقيم مثالية يؤمل في إتباعها.