مؤتمر سرت1922-1-21م
محتوى المقالة الرئيسي
الملخص
يعتبر مؤتمر سرت من المؤتمرات الوطنية المهمة التي حاول الداعيين إليه تقريب وجهات النظر بين الأخوة ، وإنهاء حالة الانقسام ، بسبب الحروب الأهلية ، والفتن الداخلية ، بين المناطق الليبية في تلك الفترة . وإزاحة حالة الجمود والوهن الذي أصاب حركة الجهاد الوطني بسبب التدخلات الإيطالية ،و توحيد الحركة الوطنية تحت زعامة رجل وطني.
وقد جاء هذا المؤتمر نتيجة للخلاف الذي بدأت بوادره مابين زعماء الحركة السنوسية في شرق ليبيا وبعض قادة الجهاد في غربها بسبب الغنائم التي حصل عليها المجاهدون من الإيطاليين عقب معركة القرضابية 1915م، حيث قدم عدد من ممثلي الحركة السنوسية وعلى رأسهم صفي الدين السنوسي وأحمد التواتي إلي أعيان مصراتة وبني وليد وترهونة يطلبون منهم أن يسلم لهم زعيم مصراتة رمضان السويحلي جميع الغنائم التي حصل عليها من الإيطاليين بعد انسحابهم من مدينة مصراتة في 5أغسطس عام 1915م،كما فعلوا مع عبد النبي بالخير عندما جمعوا ما تركه الطليان في بني وليد من غنائم وأموال ،فذهب الأخير إلى صفي الدين الذي تصادف وجوده في مصراتة ليشكوا له ما فعله معه أحمد التواتي وأحمد سيف النصر مندوباه في بني وليد وترهونة ،ولكنه رجع خالي الوفاض،ولم يستجب لطلبه .
ومن الأمور التي زادت الهوة بين المنطقتين محاولة عامل الحركة السنوسية صفي الدين السنوسي جباية الضرائب من الأفراد قي بعض المناطق الغربية وأحقية تسليمها لمندوبيهم،إضافة لجمع زكاة الأموال من المكلفين بها ،دون النظر إلى حالة الفقراء والأسر التي قدمت الدعم للمجاهدين ضد الإيطاليين وفقدت من كان يعولها، وقد تركت هذه الفتنة أثارها في النفوس بين الطرابلسيين والبرقاويين.
كما أدى تأزم الأوضاع السياسية في منطقتي طرابلس وبرقة بسبب الضغوط الإيطالية على الزعماء في الإقليمين إلى حالة من الإرباك والفوضى السياسية في البلاد، ففي إقليم طرابلس لم يتوصل الزعماء الطرابلسيون إلى أي تسوية مباشرة مع الإيطاليين ،وفي برقة أصرت السلطات الإيطالية على الأمير محمد إدريس السنوسي بضرورة إغلاق معسكرات المجاهدين تنفيذا للاتفاقيات التي عقدت معه(عكرمة والرجمة) ،وهو ما رفضه قادة القبائل ووضع الأمير محمد إدريس السنوسي في موقف يحسد عليه.
وتأتي أهمية دراسة مؤتمر سرت باعتباره أحد المؤتمرات الوطنية المهمة التي جاءت لتحقيق المصالحة الوطنية ،ومحاولة من الداعيين إليه توحيد الجهود القتالية في البلاد بعد حدوث العديد من الإنقسامات فيما بينهم ، وتدخل الفتن بين رؤساء القبائل ،وتوسع الخلافات في محاولة من المحتل لشل وإضعاف حركة المقاومة الوطنية ضده.
ومن الأسباب التي أدت إلى اختيار هذا الموضوع (مؤتمر سرت) أنه نموذج للمؤتمرات الوطنية التي تعكس مدى المعاناة والصعوبات التي كان يعانيها الليبيون من جرا الاحتلال الإيطالي ،ومحاولة قادة الجهاد وزعماء القبائل الليبية إيجاد الحلول الكفيلة لتوحيد صفوفهم وقدراتهم لتوجيهها نحو هدفهم الأساسي ألا وهو مقاومة المحتل،وتوحيد القيادة في شخص وطني ،ومن الأسباب أيضا معرفة ما مدى تأثير هذا المؤتمر على حركة الجهاد الليبي ضد الاحتلال الإيطالي ،وعلى الحالة السياسية في البلاد.