علوم التدبير المدرسي: النظريات و أسئلة التأسيس
محتوى المقالة الرئيسي
الملخص
قد يتساءل البعض عن جدوى هذا السؤال في زمن رواج وفرة من المقاربات التدبيرية الحديثة في الإدارة التربوية (التدبير بالأهداف، التدبير بالنتائج القابلة للقياس، التدبير التشاركي، التدبير بالمشاريع، التدبير بقيادة التغيير، تدبير الجودة (Gestion de la qualité)). نبادر إلى القول إن السؤال الذي طرحناه يروم فحص شروط تحقق التفكير في إمكانية استقلال علم التدبير المدرسي كقطاع علمي خاص في دائرة العلوم الإنسانية، وفسخ "زواج المتعة" (علاقة التبعية الآلية أحيانا) الذي يجمعه بقطاع التدبير المقاولاتي منذ أن أعاد خبراء التربية النظر في الأدوار والوظائف التدبيرية للإدارة المدرسية. على أن هذا التعبير المجازي لا يوحي مطلقا بانغلاق هذا العلم وانفصاله عن دائرة العلوم الأخرى، وعن جدلية التفاعلات البناءة. السؤال المطروح إنما يسوغه الوضع الخلاسي اللامتعين لقضايا التدبير التربوي، وما يثيره من إشكالات اصطلاحية، ونظرية، ومنهجية، وحتى وظيفية (سؤال الوضع السوسيومهني للفاعلين الإداريين Statut des acteurs). مما يشعر بأن إمكانية قيام علم تدبير مدرسي باتت مسألة وجود، بتشعباته العلمية، والإبستمولوجية التي تتيح فرصة للتفكير فيه بعمق من زاوية الرؤية Visibilité بأبعادها المتنوعة. فهذا السؤال طرحه قبلنا عالم الاجتماع "جان لوي ديروي" (Jean-Louis Derouet) في سياق تجربة البدايات، فعده محفوفا بتعقيدات جمة، ومثار اهتمام إبستمولوجي[1]. فتأسيس هذا العلم، في تصوره، يمر بمرحلتين: مرحلة الاستمداد من المعارف، والمناهج التي تنتجها العلوم الإنسانية والاجتماعية (علوم النفس، والاجتماع، والتاريخ، والسياسة، ألخ) مع تحويل رهاناتها بما يخدم المقتضيات التدبيرية [2]. وفي خطوة ثانية، يتعين نقل المعارف الأكاديمية المشهورة في علوم التدبير التربوي إلى كفايات استراتيجية تبنى في منهاج وعدة؛ بعد ملاءمتها وعرضها على محك الممارسة المهنية.